بسبب كورونا…المكتبات الرقمية تحظى باهتمام كبير وترتقي إلى مستويات جديدة

هديل كرنيب

 

 

خلال الإغلاق العام الذي فرضته جائحة كورونا، حظيت المكتبات الرقمية باهتمام كبير، لا سيما وأن عدداً كبيراً من المستخدمين

الجدد والطلاب تمكنوا من التعرف إلى الخدمات الرقمية التي تقدمها هذه المكتبات.

وأثناء الوباء، تم بذل جهود ضخمة للترويج للمكتبات الرقمية وخدماتها، باعتبارها مكتبات مرئية ونشطة، حيث أن المكتبات التقليدية تواجه حالياً تحدياً يتمثل في الحفاظ على خدماتها خلال هذه الحالة الطارئة.

اليوم، وفي ظل هذه الأزمة ارتقت المكتبات الرقمية إلى مستويات جديدة، حيث بات معظمها يُقدّم المزيد من المحتوى المجاني وتنظيم مجموعات مخصصة حتى يتمكن الأشخاص من مواصلة القراءة والتعلم عن بُعد والوصول إلى المعلومات دون انقطاع.

أبرز مميزات المكتبة الرقمية

مع زيادة الطلب على الموارد الإلكترونية الموثوقة، ظهرت المكتبات الرقمية كمسارات حيوية للكتب الإلكترونية والمجلات والمحتوى التعليمي عالي الجودة.

وفي “بيان المكتبات الرقمية”، أشارت اليونسكو والاتحاد الدولي لجمعيات ومؤسسات المكتبات  (IFLA) إلى أن مهمة المكتبة الرقمية هي إتاحة الوصول المباشر إلى مصادر المعلومات بطريقة منظمة وموثوقة، وبالتالي ربط تكنولوجيا المعلومات والتعليم والثقافة بخدمة المكتبات المعاصرة.

 وبحسب أحمد عصمت، الرئيس التنفيذي لمنتدى الاسكندرية للإعلام واستشاري تكنولوجيا الإعلام والتحول الرقمي، فالمكتبة الرقمية أو المرقمنة هي ليست فقط فكرة البحث عن المعلومات، إنما أيضاً إتاحتها للجميع إذ هناك أشخاص في أماكن عديدة لا وجود للمكتبات لديهم ولا يتمتعون بإمكانية الوصول لأنواع كتب ومصادر معينة وبالتالي، المكتبات الرقمية تتيح كل ذلك وهذا ما يؤدي إلى ” Democratization of knowledge” أي اكتساب ونشر المعرفة بين عامة الناس وليس فقط النخب المتميزة، وخلق مجتمع المعرفة.

ويضيف عصمت في حديثه لـ “النهار العربي” أن هناك نوعين من المكتبات المرقمنة: الـ ” born digital “ وهي تلك نشأت رقمية في الأساس وتحتوي على محتوى رقمي سواء ابحاث أو افلام أو وثائقيات والنوع الثاني هو الـ ” digitized ” أو المرقمن وهي عبارة عن مكتباتنا الورقية التي بدأ تحويلها نحو مكتبات مرقمنة.

ومن مميزات المكتبات الرقمية هي أنها لا تتطلب وجود جسدي ويُمكن الولوج إليها من أي مكان وفي أي وقت، كما انها تتمع بميزة الـ ” Multi access” أي يمكن أن يتصل بها الملايين من المستخدمين في الوقت عينه ومساحتها التخزينية لا حدود كما أنها سهلة الدخول والخروج.

أما أهم ميزة تتمتع بها هذه المكتبات فهي عملية استدعاء البيانات أي يمكن البحث فيها عن المعلومات من خلال استخدام جملة أو كلمة أو عنوان أو اسم أو موضوع معين في مجموعة كبيرة من الكتب والبيانات الأمر الذي يجعل البحث فيها أعمق وأغنى.

ولكن وفي ظل هذه الأزمة هل ستلغي المكتبة الرقمية المكتبات التقليدية؟

لا شك أن أزمة فيروس كورونا كانت بمثابة نقطة انعطاف هامة، مما أدى إلى إبراز الفوائد العديدة للمكتبات الرقمية. جائحة كورونا سرّعت بالفعل، بفكرة التحول الرقمي بشكل ملحوظ ودفعت نحو التعليم الإلكتروني ومنصات التعلم، إلا أنه وبحسب عصمت فلا توقعات حالية بان تلغي المكتبات الرقمية تلك التقليدية أقله ليس في المدى القريب، اذ ما يزال هناك الملايين ممن يفضلون زيارة المكتبات التقليدية والاطلاع على الكتب عن كثب، وفي المقابل هناك من بدأ بالتعود على رقمنة المكتبات لا سيما الجيل الجديد و ما يُعرف بالجيل “Z” الذي ولد في العصر الرقمي وهو ممن يحبون المطالعة من خلال الأجهزة الإلكترونية.

وبالنظر إلى المستقبل، لا شك أن استخدام المكتبات الرقمية سوف يستمر في النمو بشكل كبير. سيكون هذا النمو مدفوعاً بضرورات فورية واتجاهات عالمية مثل الانتشار الهائل للهواتف الذكية والأجهزة الإلكترونية وزيادة ملكية أجهزة القراءة القائمة على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والعادة الراسخة الآن في البحث عن المعلومات عبر الإنترنت.

هل من مكتبات رقمية في المنطقة العربية؟

نشطت خلال السنوات الماضية عمليات تأسيس مكتبات الرقمية في الشرق الأوسط، حيث تحتوي هذه المكتبات على مواد رقمية عالية الجودة تعكس التراث الثقافي والحضاري والتاريخي العربي.

ومن أبرز هذه المكتبات حالياً في مصر، ما تقدمه مكتبة “الإسكندرية” من “ذاكرة مصر المعاصرة” و”سفارات المعرفة”، كما يوجد في الإمارات “مركز المعرفة الرقمي” و”القرية الإلكترونية”، وفي أبو ظبي هناك المكتبة الرقمية التي تحمل اسم “المجموعات العربية على الإنترنت” التي تُعد ثمرة شراكة بين جامعة نيويورك في أميركا وجامعة نيويورك في أبو ظبي.

النهار العربي – هديل كرنيب

زر الذهاب إلى الأعلى