المكتبات العامة خلال جائحة كورونا

تواجه المكتبات العامة حول العالم خیارات صعبة بسبب الإغلاق الذي طال معظم القطاعات الذي فرضته جائحة كورونا، فقد تم أغلاق جمیع أنظمة المكتبات العامة في معظم بلدان العالم وفي غضون ذلك، بدأت المكتبات واعتمادا على الخبرات التي اكتسبتها مواجهة هذا الموقف بتقديم خدماتها عن بعد.

وبذلت المكتبات في جمیع أنحاء العالم على اختلاف أنواعها جھودا مضنية لتیسیر الوصول إلى مجموعاتها وتقديم خدماتها عن بعد.  وقامت بتحديث مواقعها الإلكترونية وصفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي من أجل تلبية طلبات المستفيدين. وبالرغم من أن العديد من المكتبات لدیھا حضور قوي على وساط التواصل الاجتماعي، فقد قامت مكتبات أخرى بتحقيق هذا الھدف من أجل مواصلة خدمة أعضائها، وبدأت بالترويج لخدماتها الرقمية بطرق عدة.

كذلك أحدثت جائحة كورونا تغيراً كبيراً في وظيفة المكتبي، وزادت الضغوط على طبيعة المهام التي يقوم بها فريق العمل في المكتبة حيث شهدت تحولًا من المساعدة الداخلية في المكتبة الى المساعدة عن بعد.

وشهدت العديد من المكتبات زیادة كبیرة في الاهتمام بالمصادر الرقمية، مما أدى إلى إعادة ترتیب أولویات الموارد، من الموارد المادية إلى الموار د الرقمية. وفي بعض الأحیان، تمكنت المكتبات بنفسها من توسعة نطاق الوصول إلیھا، كما ھو الحال مع المكتبة الوطنية والمحفوظات الإيرانية، التي لم تكتف بوضع مكتبة الأطفال الوطنية التي تضم 28000عنوان على الإنترنت مجاناً فحسب، وإنما أتاحت أيضا مكتبتها الرقمية الخاصة، التي كانت تقدم في السابق بیانات ببليوغرافية فقط. وقد شھدت زیادة قدرتها سبعة أضعاف في عدد المستخدمين المسجلين، وأكثر من ضعف الوقت المخصص لتشاور مع الباحثين عبر الإنترنت.

وبدأت المكتبات بالترويج خلال فترة الأغلاق ، فنظمت مكتبة فرنسا الوطنية معارض افتراضية وأتاحت أدوات تعلیمیة وخاصة في شھور الصیف. وقامت المكتبة الوطنية الإسبانية بالترويج لمحتواها الرقمي الذي بمكن استخدامه لدعم التعليم.

ووفرت المكتبة الوطنية المغربية كتب إلكترونية مجانیة. وضعت المكتبة العامة في آرھوس، الدانمرك، محتواها الرقمي في صدارة موقعها على الإنترنت.

وأدارت مكتبة نيويورك العامة نوادي الكتب على الإنترنت باستخدام تطبيق SimplyE (وهو تطبيق لاستعارة الكتب الإلكترونية والكتب الصوتية وتم تطويره بواسطة المكتبة، وهو عبارة عن قارئ إلكتروني مجاني ومفتوح المصدر يسمح بالاستفادة من مجموعات المكتبة الكاملة التي تضم أكثر من 300000 كتاب إلكتروني وصوتي ووضعها في متناول الجميع في مكان واحد).

وكثفت المكتبات في جوهانسبرغ، جنوب أفریقیا، أنشطتها على وسائل التواصل الاجتماعي، بما في ذلك تخصيص فترات جديدة لأنشطة “اسأل أمين المكتبة” بصورة منتظمة.

ووسعت مكتبة كوتا العامة في الھند خدماتها عبر الإنترنت، حیث روجت للعلاج النفسي بالقراءة كوسيلة لمساعدة المستخدمين خلال الأزمة، وحظيت ھذه المبادرة تغطية جیدة في الصحافة المحلیة.

وتبذل مكتبات المدارس في الولایات المتحدة جھودا لتوفير المواد التعليمية لدعم الآباء في تعليم أبنائهم في المنزل.

وأصدرت شبكة المكتبات المدرسية في البرتغالي منصة للمكتبات المدرسیة، تبرز الطرق التي یمكنھا من خلالها ان تواصل ھذه المكتبات أداء مھامھا، وتقترح أدوات ومواد، حتى خلال فترة الإغلاق.

وأنشأت شعبة التعلیم في دائرة المكتبات الوطنیة والمعلومات في ترینیداد وتوباغو مجموعات من الموارد الرقمیة للمقررات الدراسیة الابتدائیة والثانویة، كما أتاحت أیضا خدماتھا في مجال محو الأمیة على الانترنت.

وأنشأت مكتبة جامایكا الوطنیة برنامجا لمساعدة الطلاب على مواصلة الدراسة واجتیاز امتحاناتھم.

وتقدم مكتبة العتبة العباسیة المقدسة في العراق خدمة الإقراض عن بعد.

وتروج العدید من المكتبات العامة والمدرسیة لقراءة القصص على الإنترنت، حیث یمكنھا إیجاد حل لمشكلات حقوق النشر.

في البرتغال، على سبیل المثال، تم تخصیص قناة على الیوتیوب- وكذلك في ساوباولو، البرازیل، وأیضا في مكتبة ماریا ستاغنیرو دي مونار في أوروغواي.  في حین أطلقت جمعیة المكتبات والمعلومات بالمملكة المتحدة CILIP خدمة الأرفف الوطنیة.

وتخصص مدینة ریوود في الولایات المتحدة ومانوش في أسترالیا أوقاتا لقراءة القصص للمتحدثین بلغات الأقلیات.

من الواضح أن المستخدمین لیسوا جمیعا على درایة بالأدوات الرقمیة. وقد استجابت المكتبات في ویسكا، إسبانیا لذلك من خلال تطویر مواد تدریبیة جدیدة للمستخدمین لمساعدتھم على تحقیق أقصى استفادة من ھذه الفرص.

وبالمثل، نظمت المكتبة المركزیة في جامعة بغداد دورات تدریبیة لمساعدة الطلاب على الاستفادة من الأدوات الرقمیة المتاحة لھم على أفضل نحو ممكن.

لقد بذلت المكتبات جھودا كبیرة لتعزیز الوصول إلى الكتب الإلكترونیة، عن طریق زیادة عدد الكتب الإلكترونیة التي یمكن للأشخاص استعارتھا في أي وقت.

واستمرت الجھود التقلیدیة للمكتبات لإنتاج مجموعات الكتب والمواد حول قضایا الساعة، مع التركیز بشدة على معالجة الإجھاد والقلق، وتعزیز الصحة النفسیة الإیجابیة، وبوجه خاص المكتبة الوطنیة للطب في الولایات المتحدة.

 أما في السوید، فقد دعت المكتبة خبراء الصحة العامة للتحدث مع المستخدمین. بینما انصب اھتمام المكتبات الصینیة بمساعدة الناس على مواجھة الضغوط، لاسیما في مقاطعة ھوبي.

وتعاونت المكتبة الوطنیة الھولندیة مع منظمة للكتاب لتقدیم خدمة “مؤلف على شاشتك” بینما تمكن أمناء المكتبات من استخدام تطبيقات مثلZoom  و GoogleForms  و Microsoft Teams  لإنشاء غرف افتراضیة ذات طابع خاص، وقد استخدم المعلمون العدید منھا في دعم التعلیم.

أما اتحاد مكتبات جامعة الأناضول ANKOS فقد كثف تقاسم الموارد بین أعضائه من خلال بوابة واحدة، من أجل تسریع وتیرة البحث، ونظمت جامعة الملك عبد الله للعلوم والتكنولوجیا في المملكة العربیة السعودیة سلسلة من الدروس حول أفضل السبل لاستخدام مواد المكتبة.

وتسعى بعض المكتبات أیضا إلى مساعدة المستخدمین غیر المسجلین بھا حتى الآن، والذین یتعذر علیھم الآن التسجیل بصورة شخصیة. على سبیل المثال، طورت المكتبة الوطنیة في إستونیا وسائل تتیح للأشخاص الوصول إلى الكتب في المكتبات العامة دون اتصال، وكذلك فعلت وزارة الثقافة التركیة ومكتبات مدینة مونتریال في كندا، بینما تحتفظ المكتبة الوطنیة المغربیة أیضا بعناوین على الإنترنت. ووسعت المكتبات النمساویة والكرواتیة نطاق الإقراض الإلكتروني لیشمل جمیع السكان، في حین وافقت المكتبات الإیرانیة على قبول بطاقات المكتبات مع بعضھا البعض كي تتیح للناس استخدام أقرب مكتبة إلیھم. كما أتاحت مؤسسة كلتشر كونكت ” Cultuurconnect “في بلجیكا، التي تعمل مع المكتبات، محتواھا للمستخدمین غیر المسجلین، كما ھو الحال مع Booklist في الولایات المتحدة، والتي تعمل على توفیر ملخصات الكتب ومواد أخرى.

وأخیرا، یستمر بالطبع عمل المكتبات في دعم الأبحاث، حیث يضطلع قسم علوم المعلومات في جامعة الكویت بدور قیادي في توجیه الطریقة التي تنتشر بھا المعلومات المتعلقة ب كوفید -19على وسائل التواصل الاجتماعي.

وفي ظل وجود العدید من الخدمات المعروضة، تمكنت المكتبات في عدد من البلدان من العمل مع الصحف ومحطات الرادیو وقنوات الاتصال الأخرى من أجل إذكاء الوعي.

ومع إغلاق المكتبات أبوابها یواجه العدید من المكتبات تحدیات بشأن كیفیة إدارة العمل عن بعُد بفعالیة. فقامت بعض المكتبات بتزوید جمیع الموظفین بالأدوات والتدریب اللازمین للعمل بفعالیة وأمان من المنزل .

COVID 19 and the Global Library Field

The International Federation of Library Associations and Institutions (IFLA)

زر الذهاب إلى الأعلى